الاثنين، 16 يوليو 2018

في السابعة والعشرين.. خواطر وذكريات


16-7-2018
الثالثة فجرًا..
يا إلهي هذا أول يوم في السابعة والعشرين
رباه.. مرت الأيام سريعًا عكس ما كنت أريد
..
بداية عامي المنصرم
لم أكن مصدوما كما الليلة
نعم كانت بداية ست وعشرون والست أخت الخمس
فهي في المنتصف، وهذا يعني أنني ما زلت في العشرينات وأن الوقت طويل حتى أبلغ نهايتها - أو كما كنت أقنع نفسي -
...
أما الليلة فهي مفزعة حقًا
فقد بدأت السابعة والعشرين، وهذا يعني أن الزمن قد ابتعد بي كثيرًا عن العشرين ليقترب من الثلاثين
نعم نحو الثلاثين، مما يشير إلى أن العشرينات باتت ملوحة بالوداع، وذهابها أمسى أدنى من بقائها.
فهذا الصغير الذي كان يزعج والديه ليلًا يقترب بسرعة من الثلاثين !!
فماذا حدث؟!!
...
لقد كان التفوق الدراسي وحلق القرآن طيلة مراحلي المدرسية هما الطريق الوحيد للتقبل والإستحسان في المجتمع الذي أعيش فيه ولذلك كنت أحرص عليهما أشد الحرص
...
مؤسف..
أني تربيت أن أفعل ذلك كي أكون مقبولا ومتميزا في المجتمع.
بدلا من أن يكون ذلك في خضم البحث عن الذات وتحقيق النجاح الذاتي من خلال مساعدة الطفل على إيجاد ما يحب !!
وأن يكون التقبل في المجتمع والأسرة لشخصي لا لدرجاتي الدراسية ومقدار ما أعي من القرآن
...
لا أنكر أني حققت بهذه التربية نجاحًا باهرًا طيلة تلك الفترة (ما قبل الجامعة) في هذين المجالين
...
لكن تلك التربية الخاطئة أدت إلى خلق دافع للنجاح خارجي بامتياز وحسب.
فأنا أذاكر كي أكون مقبولا.. أحفظ القرآن كي يشار إلى بالبنان..
وأدت إلى عدم الولوج في أي مجال حياتي آخر - لأن المجتمع لا يحمل لأي شيء آخر أدنى أهمية !!
بطبيعة الحال؛ صغيرًا لا يدرك شيئا.
..
أتذكر دومًا عندما كان يمنعني والديّ من الفسح، معارضتي لهم بـــ " طلعت" " لكم" " الأول وبحفظ في الحلقة ليه تمنعوني !! "
...
لاحظ معي لفظة "لكم"
إنها تنبئك بمقدار النزعة الذاتية إلى الخارج ومحاولة تحقيق رضى الوالدين المتمثل والمقترن في التفوق الدراسي والقرآن فقط لا غير !!
...
استمرت تلك النزعة حتى في اختياري التخصص الدراسي..
فبدلًا من اختيار تخصص لطالما أسمع به وأحبه
التحقت بآخر بالكاد سمعت عنه ليلة التقديم للجامعة نزولًا لرغبة الأهل !!
...
وهنا..
ظهرت فاجعة نهج هذه التربية الخاطئة في مرحلتي الجامعية.
حين التحقت بجامعة بعيدة عن أهلي وفقدت ذلك المحفز الخارجي
فأتت نتائجي مخيبة جدا للآمال مقارنة ب "شخصي السابق الطموح !! "
...
كنت أفعل الحد الأدني لأظل هناك لا أكثر
ورغم أني حصلت على 3.35 من 4.00 وتعتبر تقدير جيد جدا يفرح به كثيرون
إلا أني أراه أصغر من مقوامتي بكثير
كثير جدا
وكان لذلك سببان - كما أدعي -
الأول عدم الإكتراث كثيرا لشيء لا نحبه !!
الآخر المستقبل الوظيفي السيء والذي ظهر في آخر سنة دراسية
...
أضف إلى ذلك
تركت مراجعتي للقرآن بشكل كبير للأسف - لأنني تربيت قرابة عقد ونصف من الزمن أن أفعل ذلك لأهلي والمجتمع
لا لنفسي أو تقربًا إلى الله - كما كنا ندعي سابقًا -
وحتى أصبحت شخصًا أقل من عادي
...
بالمناسبة
أحد زملائي ممن كان على شاكلتي
ترك القرآن وتوجه للغناء - لأنه حسن الصوت - بعد أن كان يؤم المصلين في رمضان
أسأل الله له الهداية والرد الجميل إليه وأعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى
...
في المرحلة الجامعية..
حاولت تغطية ذلك النقص بشيء آخر مثل العطف ع الآخرين وتنمية مهارات أخرى وبعضًا من الكرم وكما قال الشافعي "تستر بالسخاء فكل عيب.. يغطيه كما قيل السخاء"
لا أستطيع الجزم بأني فعلت ذلك متعمدا أو لا إراديًا
لكن أظن أن لهما علاقة !!
أو أنه شيء أحبه حقًا !!
ولقد حققت نجاحا باهرًا لا أحد ينكره - اسألوا دفعة 2012 و2013 و غيرهم عن أبو سعيد تلك الفترة - ما قبل التخرج -
...
في فترة تخرجي
كنت أعيش أيامًا جميلة حقا، وكنت متوقع مزيدا من النجاح الذي أحب
وكان جميع من حولي يتوقعون ذلك !!
لك أن تتخيل أخي القارئ/أختي القارئة أن أحدهم عرض علي أخته للزواج قائلًا - حينها - " لن أجد أفضل منك لأختي وقد أخبرت أهلي بشأنك" وغيره أربعة !!
- أظن أن الأمر مختلفا تمامًا الآن -
مختلفًا جدًا !!
...
أتت الحياة عكس ما كنت آمل
فبعد التخرج..
أمضيت سنة في المنزل بحثًا عن عمل ولم أجد شيئًا أرتضيه...
ولا أدري
كيف مرت تلك السنة الثقيلة على القلب.. المليئة بالهموم والبؤس - أعاذكم الله من سوء الحال وتحول النعم
لكنها مضت - لا أعاد الله شاكلتها
...
في تلك السنة أذكر أني كنت أبحث عن أحد يملؤ ذلك الفراغ الذي يقتلني ببطء فصدمني أحدهم بقوله " يا خوي ما احنا بفاضيين - مثلك - ورانا دراسة وشغل"
.
المزاح السيء في الأوقات العصيبة #مؤلم ولا يُنسى ☹️😔
فانتبه لكلماتك !!
...
في تلك السنة أيضًا..
تذكرت شيئًا...
لقد ولدت محبًا للتجارة..
فبالصدفة وقعت في أكلة شعبية قصيمية - تلك المنطقة التي أقطنها - فحثثت صاحبي ع المتاجرة بها
ومنها وجدت شيئًا يلهيني قليلًا عن حسرة الوضع ولقمة تغنيني عن سؤال الأهل
...
أيضًا
أتتني الرياح مرة أخرى بما لا أشتهي
فقد تخرج صاحبي - صاحب السيارة التي نعمل بها - والتحق بالعمل بعيدًا بارك الله له وتركني وحيدًا مرةً أخرى
...
قبل التخرج ببضعة أشهر كنت قد بعت سيارتي وأقرضت أحدهم قيمتها - كنت أعتبره بمثابة أخي -
ولك أن تتصور حتى الآن، وبعد مرور 3 سنوات وبضعة أشهر لم تعد
وكان وضع الأسرة المادي لا يسمح بشراء غيرها فعدت مرة أخرى للمنزل
...
لم تكن تلك السنة سواد محض..
فقد عملت محفظا للقرآن وقرأت في الاقتصاد كثيرًا حتى تنورت بصيرتي واختلفت وجهة نظري عن العالم تمامًا
أعترف أن لها الفضل في ذلك.
...
في العام الثاني من تخرجي
التحقت ببرنامج الماجستير لنفس التخصص الدراسي - كان هذا المتاح فقط - التحقت كي لا أطلب مالًا من والدي..
رغم أنه كان ومازال مغدقًا عليّ أدامه الله وأدام عليه صحته ونعمه.
لكني أرى أنه من العار أن يبلغ المرء 24 عامًا ويطلب من أهله مالًا
...
لم أكن مهتمًا بالدراسة أبدًا
حتى لأنك تستغرب أن تجد اختبار برمجة لأحد المواد ودخلته ولم أتعلمها وبمساعدة أحدهم ليلته بارك الله له حصلت على 5 من 10.
...
أنهيت مواده بأقل جهد مطلوب يبقيني هناك...
واليوم
بقي لي الرسالة من هذا البرنامج - دعواتكم أن تنتهي قريبا وعلي خير -
ولا أدري ماذا أفعل بعدها أو إلى أين أنضم
ولا أعلم ماذا يخفي لي القدر
لكن عزائي والذي يجبر كسري دائمًا وأبداً، أن الله قال ( وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيها خيرًا كثيرًا )
...
كل ما أحاول فعله الان، أن أبحث عن ذاتي التي ضاعت بين التحفيز الخارجي الناقص، والهوية المفقودة من الداخل !!
ومحاولة العثور على محمد التائه وسط أطلال الماضي وعرصات الحاضر وتوقعات المستقبل
...
ختامًا
لا أعلم لماذا أطلت
لكنها فضفضة من القلب، وأختمها بقول الله :
( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا...)